📁 آخر المقالات

مالعلاقة بين "الإخلاص" و"التوحيد"؟

مالعلاقة بين "الإخلاص" و"التوحيد"؟

تلقيتُ على الخاص هذا الرد:

حقيقة هذا السؤال قد يكون واضح أو بديهي إلا أنه يفتح باباً واسعاً من التأمّل والتدبر لكتاب الله عز وجلّ ، فالحديث عن علاقة التوحيد والإخلاص حديثٌ ذو شجون واسعة عميقة.

وهذه ثمرة عظيمة، وقد سألت السؤال لغاية التفكر هذه.

مالعلاقة بين "الإخلاص" و"التوحيد"؟
مالعلاقة بين "الإخلاص" و"التوحيد"؟

وأقول:

إذا قلنا أن التوحيد هو الاعتقاد بأن الله إله واحد، لا معبود بحق إلا هو، وأنه (الملك الحق، والخالق الحق، والمدبر الحق... إلخ) وشهود هذه الحقائق والإقرار بها ظاهرا وباطنا..

وأن الإخلاص هو التوجه إلى الله وحده، وصرف العبوديات الظاهرة والباطنة له وحده، وتجريد القلب مما سواه، لتكون المحبة خالصة لله، والتوكل خالصا له، والخشية خالصة منه.. إلخ

فالعلاقة بينهما:

أنه بقدر صفاء حقائق التوحيد وتمام العلم واليقين بها: يكون تمام التوجه، ويتحقق إخلاص القلب لله وحده.

- فبقدر يقينك بتفرده في ألوهيته: يكون توجهك بالعبادة له وحده، ويُنقى قلبك من عبادة كل أحد سواه.

- وبقدر يقينك بتفرده في عظمته: يكون تعظيمك وتذللك له وحده، ويُنقى قلبك من تعظيم كل أحد سواه.

- وبقدر يقينك بتفرده في التدبير: يكون توكلك عليه وحده، ويُنقى قلبك من التوكل على كل أحد سواه..

- وكذلك المحبة، والخوف، والرجاء....

فإذا وجدت من نفسك ضعفا في صرف تلك العبوديات له وحده، فاتهم علمك به وبصفاته، وقوة يقينك بها.

وهذه بعض الآيات حول هذا المعنى -وهي كثيرة-:

• ففي قوله تعالى: (إنما يخشى الله من عباده العلماء): بيان أن العلم بحقائق توحيده حق العلم يؤدي إلى إخلاص الخشية له.

قال ابن كثير: "كُلَّمَا كَانَتِ الْمَعْرِفَةُ بِهِ أَتَمُّ وَالْعِلْمُ بِهِ أَكْمَلَ، كَانَتِ الْخَشْيَةُ لَهُ أَعْظَمَ وَأَكْثَرَ".

• وفي قوله: { قَالُوا۟ نَعۡبُدُ إِلَـٰهَكَ وَإِلَـٰهَ ءَابَاۤىِٕكَ إِبۡرَ ٰ⁠هِـۧمَ وَإِسۡمَـٰعِیلَ وَإِسۡحَـٰقَ إِلَـٰهࣰا وَ ٰ⁠حِدࣰا وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ } : الإقرار بالتوحيد (إلها واحدا) ثم التوجه بالإخلاص (له مسلمون).

• وفي قوله: { هُوَ ٱلۡحَیُّ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ فَٱدۡعُوهُ مُخۡلِصِینَ لَهُ ٱلدِّینَۗ } مقدمة عقدية بالتوحيد (لا إله إلا هو)، ثم أمر عملي بالإخلاص (فادعوه مخلصين له الدين)

قال ابن عاشور: "وبَعْدَ اتِّضاحِ الدَّلالَةِ عَلى انْفِرادِهِ تَعالى بِالإلَهِيَّةِ فُرِّعَ عَلَيْهِ الأمْرُ بِعِبادَتِهِ وحْدَهُ غَيْرَ مُشْرِكِينَ غَيْرَهُ في العِبادَةِ لِنُهُوضِ انْفِرادِهِ بِاسْتِحْقاقِ أنْ يُعْبَدَ".

والثمرة العملية من كل هذا: أن علينا أن نزداد -ما حيينا- من العلم بالله، وأسمائه وصفاته، وإدامة النظر في آيات توحيده (وهذا -من رحمة الله- هو أكثر القرآن).. حتى إذا امتلأ القلب يقينا بها، ترقى القلب في مدارج الإخلاص، وخرج منه كل ما سوى الله، وهذا هو أعظم الغايات المطلوبة من العبد.

المؤلف: نقلاً عن قناة غيث الوحي.

Mustafa Alhassan
Mustafa Alhassan
تعليقات