📁 آخر المقالات

موقف النُصرة والأنصار

قال: تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل، والنفقة في العسر واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن تقولوا في الله لا تخافون في الله لومة لائم، وعلى أن تنصروني فتمنعوني إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ولكم الجنة.

موقف النُصرة والأنصار
موقف النُصرة والأنصار

قال: فقمنا إليه فبايعناه. وأخذ بيده أسعد بن زرارة - وهو من أصغرهم -فقال: رويداً يا أهل يثرب، فإنا لم نضرب أكباد الإبل إلا ونحن نعلم أنه رسول الله ﷺ، وأن أخرجه اليوم مفارق العرب كافة، وقتل خياركم، وأن تعضكم السيوف. فإما أنتم تصبرون على ذلك وأجركم على الله، وإما أنتم تخافون من أنفسكم جبينة فبينوا ذلك فهو عذر لكم عند الله

قالوا: أمط عنا يا أسعد، فوالله لا ندع هذه البيعة أبداً ولا نُسلبها.

قال: فقمنا إليه فبايعناه، فأخذ علينا وشرط، ويعطينا على ذلك الجنّة.

لي فترة أتفكّر في هذا المعنى، وفي هذا الموقف العجيب؛ موقف النُصرة والأنصار.. 

لقد علموا أنهم بهذه البيعة يُفارقون العرب كافة، وعرفوا أنهم يبايعون على قتل خيارهم، ويبايعون على الموت..! 

ولا يَعِدهم الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يُعطيهم على ذلك إلا الجنة..! 

الله، والجنّة، والدار الآخرة، مُقابل النصرة والتضحية والعمل للدين..

هذا المعنى لابد أن يكون حاضرًا في أذهاننا، بل راسخًا في قلوبنا، وموضوعًا نُصب أعيننا..

هذه بيعة لابد أن نُجددها في أنفُسنا، ونُعاهد الله عليها، ولا ننتظر مُقابل النُصرة، والعمل للدين، والإصلاح للأُمة، وتبليغ الرسالة، إلاّ الجنّة..الجنّة وفقط.

لا مكاسب دُنيوية، ولا جاه، ولا رياسة، ولا العمل طَلبًا للثأر، ولا انتظار النصر والتمكين -وإن كان الثمرة الأكيدة لإعلاء كلمة الله في الأرض-، فَكُلُّ ذلك قد يُدركه العامل وقد لا يُدركه، فإن علّق عليه بذله وعمله وتضحيته، كان عُرضة للتوقف والنكوص إن لم يجد الثمرة، أو إن طال الطريق واشتدت الظروف.

أمّا إن كان العامل لا يرى إلا الجنّة، بَذَل، وضحّى، وصَبَر، وإن لاقى أَثَرة، وإن لم يجد ثمرة، وإن غاب الصحاب، وإن عزّ النصير، وإن بقي وحده..

فَمَنْ بايعَ على الجنّة، فاز وأنجَع، 

ومن بايع على الجنّة، أنكَرَ ذاته وعمِل لله،

ومن بايع على الجنّة، تجاوز الخلافات، 

ومن بايع على الجنّة، تواضع للمسلمين، 

ومن بايع على الجنّة، هانت عليه الصعاب،

ومن بايع على الجنّة، استهان بالدُنيا ولذاتها الفانية، 

ومن بايع على الجنّة، بايع بيعة الأنصار، وأحسِن بها بيعة..! 

وهذه رسالة صادقة لنفسي، وللمصلحين العاملين، الباذلين نفوسهم، وأوقاتهم، وأعمارهم في سبيل النُصرة لهذا الدين،.. أن جددوا البيعة، ولا تروموا غير رضا الله، والجنّة، فهي الصفقة الرابحة، وهي البيعة الصادقة..

المؤلف: نقلاً عن قناة مدونة.

Mustafa Alhassan
Mustafa Alhassan
تعليقات