📁 آخر المقالات

أحد المقاصد المركزية في كل النبوات

حق التشريع لله تعالى = أحد المقاصد المركزية في كل النبوات، لأنه من لوازم التوحيد الكبرى، ومقتضيات الإيمان الجوهرية، يقول سبحانه:


أحد المقاصد المركزية في كل النبوات
 أحد المقاصد المركزية في كل النبوات


1. ﴿كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةࣰ وَ ٰ⁠حِدَةࣰ فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِیِّـۧنَ مُبَشِّرِینَ وَمُنذِرِینَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلكِتَـٰبَ بِٱلحَقِّ لِیَحكُمَ بَینَ ٱلنَّاسِ فِیمَا ٱختَلَفُوا۟ فِیهِۚ﴾ [البقرة ٢١٣] قف عند قوله [ليحكم]، فاللام هنا تعليلية تبين المقصد من بعثة الرسل بالبشارة والنذارة.

2. ﴿إِنَّاۤ أَنزَلنَاۤ إِلَیكَ ٱلكِتَـٰبَ بِٱلحَقِّ لِتَحكُمَ بَینَ ٱلنَّاسِ بِمَاۤ أَرَىٰكَ ٱللَّهُۚ وَلَا تَكُن لِّلخَاۤىِٕنِینَ خَصِیما﴾ [النساء ١٠٥] قف عند قوله [لتحكم]، الشيء نفسه بخصوص اللام فهي تعليلية تبين المقصد من إنزال القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم.


ولهذا؛ لا يمكن أن يصح لك إثبات وجود الله تعالى متصفا بالكمال والجلال والعظمة، خالقاً للكون والحياة والإنسان، له حق التعبد والخضوع والمحبة والتعظيم = ومع ذلك تنفي أو لا تبالي بإثبات الحكم والتشريع له حقا أساسيا، ولهذا بيّن القرآن أمرين بخصوص حق الحكم والتشريع:


1. رفض أو عدم المبالاة أو الإعراض عن التحاكم للشرع من صفات المنافقين: ﴿وَإِذَا دُعُوۤا۟ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ لِیَحكُمَ بَینَهُمۡ إِذَا فَرِیقࣱ مِّنۡهُم مُّعرِضُونَ﴾ [النور ٤٨].

2. الإقرار بحق التشريع لله تعالى، والتحاكم لشرعه من صفات المؤمنين: ﴿إِنَّمَا كَانَ قَوۡلَ ٱلمُؤۡمِنِینَ إِذَا دُعُوۤا۟ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ لِیَحكُمَ بَیۡنَهُمۡ أَن یَقُولُوا۟ سَمِعنَا وَأَطَعنَاۚ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُفلِحُونَ﴾ [النور ٥١].


القضية كما ترى؛ ليست هيّنة أو خفيفة القيمة في ميزان الشرع كما يصور ذلك البعض، فتراهم يركزون على توحيد العبادة وشرك القبور، ويهملون توحيد التشريع وشرك القصور، تحت مبررات شتى، حتى إن بعضهم ذهب إلى أن المطالبة بالتشريع والبحث في هذه المسألة من لوثات الإنسانوية التي تعظم حق الإنسان على حق الله! 


والذين يقولون هذا إما جهال بحقائق التوحيد والإيمان في لوازمه ومقتضياته، أو هم واقعا ممتلئون بالجبن والخور والذل والهوان، فلهذا يحبون التحرك في المناطق الرمادية بعيدا عن ساحة الاصطدام مع العلمانية الحاكمة. ولا جرم أن نقول بأن كل المشايخ والأكاديميين الشرعيين والدعاة والباحثين والمفكرين الإسلاميين الذين يهملون قضية التشريع والحكم بالشرع، هم قوم "تعلمنت" رؤوسهم، وإن كانوا يلعنون العلمانية والعلمانيين، وهل العلمانية إلا "تحييد" الإله عن واقع تدبير شؤون الإنسان، أي إنها منح الإنسان حق الحكم والتشريع، والقول للإله: لقد خلقتنا، شكرا لك، لقد انتهى دورك وصلاحيتك، لم نعد بحاجة إليك في التشريع والتدبير.


ولهذا قلت في منشورات سابقة بأن العلمانية هي في الواقع "إعلان موت الإله"، حتى وإن كان صاحبنا العلماني يزاحمك في صلاة الفجر ويختم القرآن كل يوم. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبارك.


المؤلف: نور الدين قوطيط 

Mustafa Alhassan
Mustafa Alhassan
تعليقات