في صحيح مسلم، أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن خروج الدجال فيعيث في الأرض فساداً، ثم ينزل النبي عيسى عليه السلام، وهو الآن حي في السماء الثانية، فيقتل الدجال، ثم يبقى عليه السلام مع المسلمين سبع سنين في الأرض، يعيشون فيها الهناء والغناء والصفاء، ثم يبعث الله تعالى ريحاً طيّبة تقبض أرواحهم جميعاً.
![]() |
فيبقى شرار الناس في خفة الطير واحلام السباع |
ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ فِي خِفَّةِ الطَّيْرِ وَأَحْلَامِ السِّبَاعِ، لَا يَعْرِفُونَ مَعْرُوفًا، وَلَا يُنْكِرُونَ مُنْكَرًا، فَيَتَمَثَّلُ لَهُمُ الشَّيْطَانُ فَيَقُولُ: أَلَا تَسْتَجِيبُونَ؟ فَيَقُولُونَ: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَيَأْمُرُهُمْ بِعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، وَهُمْ فِي ذَلِكَ دَارٌّ رِزْقُهُمْ، حَسَنٌ عَيْشُهُمْ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ».
قلت:
1. قف عند قوله «خِفَّةِ الطَّيْرِ وَأَحْلَامِ السِّبَاعِ» = فهؤلاء قوم انتشرت فيهم التفاهة والسخافة، ومساوئ الأخلاق وذميم الآداب، فعقولهم خفيفة، ونفوسهم همجية. وهذا شيء قد كثر في هذا الزمان، تجد الرجل الحسن الهندام، موظف كبير، معه شهادة أو دبلوم ممتاز، لكنه خفيف العقل، لا يعرف ربّه، ولا يعرف لماذا هو هنا، ولا يعرف ماذا ينتظره عن الموت. قد تمركز حول ذاته بما فيها من شهوات منفلتة، وطموحات مادية، ورغبات جامحة.
2. قف عند قوله «يَأْمُرُهُمْ بِعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، وَهُمْ فِي ذَلِكَ دَارٌّ رِزْقُهُمْ، حَسَنٌ عَيْشُهُمْ» = فهؤلاء قوم وثنيون، ملاحدة، لا يعرفون ديناً ولا يعبدون إلهاً، نسوا اللهَ والدار الآخرة، قد أعجبتهم عقولهم، وغرّتهم علومهم، وكيف لا؟ وهم يعيشون مظاهر الحضارة، وعلامات التقدم والمدنية، فهم في هناء من العيش، ورغد من الحياة، قد توفرت بين أيديهم ما تهفو إليهم نفوسهم من الماديات والشهوات.
✍️ إذن نقول للملحد الذي يحلم بالفردوس الإلحادي، والملحد يؤكد لنا _حتى إنه ليكاد أن يقسم لنا الأيمان المغلظة_ أنه لو اختفت الأديان، وسقطت خرافة الإله، لعاش الناس بسلام وهناء، ولتحقق لهم الفردوس المنشود، حيث يسود الحب والتسامح = نقول للملحد: لا تستعجل، سيتحقق لكم ذلك في نهاية الزمان، فهذه عقيدة ثابتة عندنا.
لكن قد أخبرنا نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم عن بعض مظاهر ذلك الفردوس الإلحاد المنتَظر، حيث تكون الجماعة الإلحادية في ذلك الوقت موصوفة ب «خِفَّةِ الطَّيْرِ وَأَحْلَامِ السِّبَاعِ»، رغم ما أنهم سيكونون «دَارٌّ رِزْقُهُمْ، حَسَنٌ عَيْشُهُمْ»، والبشرى الثالثة لك يا ملحد، هي أنه على جماعتك الإلحادية هذه ستقوم القيامة، ثم.... مرحبا بكم في عالم الجحيم الأبدي، عذاب يتبعه عذاب، بلا أمد ولا نهاية ولا انقطاع، كلما استغثتم من شدة العذاب يقال لكم: ﴿ٱخسَـُٔوا۟ فِیهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾ [المؤمنون 108].
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبارك
الكاتب: نورالدين قوطيط
اكتب تعليق اذا كان لديك اي اقتراح أو سؤال عن الموضوع