أغبى شبهة يردد الملحد ومن يشبه الملحد؛ هي شبهة الشر!
لماذا هذه الشبهة غبية رغم أنها الشبهة المركزية في القول الإلحادي؟
![]() |
أغبى شبهة يردد الملحد ومن يشبه الملحد هي شبهة الشر |
ببساطة:
1. إذا كنتَ ملحداً لا تؤمن بالله والحياة بعد الموت، فطرحك لهذه الشبهة طرح سخيف سمج وهراء بارد. يبين هذا النقطة التالية:
2. إذا لم تكن تؤمن بالله والحياة بعد الموت، إذن بالضرورة ليست لديك مرجعية معيارية تفرّق فيها بين الخير والشر والصواب والخطأ.
3. حتمية المرجعية المعيارية مهمة جدا وإلا وقع العقل في فوضى معرفية. لكن الملحد يؤمن أن العقل مجرد نبضات كيميائية في الدماغ، إذن كيف يمكنه الثقة في أحكامه، وهنا حكمه على الربط بين الشر ونفي الإله؟
4. وفق ما سبق، فإن الحياة في الرؤية الإلحادية مجرد مسرحية عبثية، وقصة سخيفة، فهي أرحام تدفع وأرض تبلع، وينتهي كل شيء. ومن هنا، كيف تصح شبهة الشر، أليست الحياة مسرحية عبثية؟
يكفي فقط هذه النقاط الأربعة لتفهم بأن شبهة الشر شبهة غبية.
والأكثر غباء وسذاجة، هو من يدعي أنه يؤمن بالله والحياة بعد الموت، ومع ذلك يسمح لإبليس والهوى بالعبث بعقيدته من خلال هذه الشبهة: لماذا الحروب موجودة؟ لماذا الأمراض؟ لماذا الفقر؟ أين الله من غزة؟ لقد دعوت الله ولم يستجب لي؟... إلخ
يعني أريد أن أفهم: أنت تقول بأنك تؤمن بالله تعالى إلها متصفا بالكمال المطلق والعظمة اللانهائية وله الأسماء الحسنى والصفات العليا، وتؤمن بأنك مخلوق في الدنيا للعبادة والطاعة والاستقامة، وتؤمن بأن هناك حياة بعد الموت فيها حساب وجزاء وثواب وعقاب.
تؤمن بكل هذا، ومع ذلك، تريد أن تعيش أنت وأن ترى الدنيا من حولك: جنة الفردوس، سعادة مستمرة، هناء ثابت، نعيم مقيم، لا منغصات ولا أمراض ولا فقر ولا حروب ولا ووووو؟؟؟ هل تفهم معنى هذا الموقف منك؟ إنه يعني ببساطة أنك تعترض على الله تعالى وضعه أمر الدنيا والآخرة على ما هو عليه، وأنت لديك اقتراح أفضل وأحسن وأرقى... يكفي أن تتفكر في هذا لتفهم بشاعة هذا التناقض والتعارض بين ما تؤمن به وما تفكر فيه؟
لا يمكن أن تستقيم للملحد هذه الشبهة التي جعلها شبهة مركزية في القول بنفي وجود الإله سبحانه، لأن رفض الشرور في العالم، سواء ما يسمى بالشر الكوني "كالزلازل"، أو ما يسمى بالشر الأخلاقي "كالحروب"، هذا الرفض يتطلب الاعتراف بمجموعة من القضايا الكلية، وهي:
1. الاعتراف بقضية أن الحياة لها معنى وغاية وقداسة.
2. الاعتراف بقضية أن الإنسان له قيمة ومركزية وجودية.
3. الاعتراف بقضية أن هناك مرجعية معيارية للصواب والخطأ.
4. الاعتراف بقضية أن المادة ليست أفق الحياة والإنسان.
فبدون هذه الاعترافات لا يمكن أن يستقيم للملحد من حيث المبدأ الاعتراض على وجود الشرور، وإلا فليقدم الملحد لنفسه قبل أن يقدم لغيره: المبرر الموضوعي لرفض وجود الشرور انطلاقا من مكونات رؤيته المادية، وهي:
1. الإنسان كومة مادية متطورة عن حيوانات دنيا عبر ملايين السنين.
2. الحياة رواية تافهة، ومسرحية عبثية، تخلو من المعنى والغاية والهدف.
3. لا إله والحياة مادة، فالعالم كله مادة بما فيه من أشياء ومكونات.
4. الموت نهاية قصة الإنسان في هذا العالم، وهو بوابة العودة إلى العدم.
ولهذا؛ يمكن أن نقول: في اللحظة التي يفكر فيها الملحد في الشبهات يسقط إلحاده، ويفقد أدنى مبرر لوجوده. [[راجع لمزيد من التفاصيل كتابي: الإلحاد، الوهم المستحيل]]... والله الموفق
ولكن عامة الملاحدة هم ملاحدة دون أن يستوعبوا أصلا معنى الإلحاد، ولوازمه الفلسفية والموضوعية، المهم (هو ملحد وخلاص) ودليله على صحة الإلحاد أنه ملحد.
اللهم ثبتنا واعصمنا وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبارك
الكاتب: نور الدين قوطيط
اكتب تعليق اذا كان لديك اي اقتراح أو سؤال عن الموضوع